!سر البرج
في عالم القهوة، فيه حاجات كتير بتحصل بسرعة:
شوت إسبرسو في ٣٠ ثانية، أو V60 في ٣ دقايق.
بس في بيليز؟
في ركن هادي، في حاجة دايمًا بتلفت النظر أول مرة.
تمثال زجاجي طويل، شكله شبه برج صغير من عالم تاني.
فيه حاجة بتحصل ببطء... نقطة ورا نقطة... سِرّ بيكبر على راحته.
ده مش أي Cold Brew.
دي قهوة معمولة في برج التقطير البارد — أداة شكلها زي تمثال زجاجي من متحف، لكن وراها علم ومزاج.
السر؟
القهوة دي مش بتتغلي.
المية الباردة بتنزل نقطة نقطة على البن المطحون لمدة ١٢–٢٤ ساعة، من غير حرارة، ومن غير استعجال.
النتيجة؟
طعم أنعم، أنضج، وأنقى من أي قهوة تانية ممكن تكون جربتها.
فيها نوتات طبيعية: كريز، وشوكولاتة كأنها مشروب مُخمّر... لكنها قهوة. قهوة بس!
بس ليه الطعم ده مختلف؟
لأن الاستخلاص البارد بيقلل المرارة، ويخلّي كل نكهة تظهر بهدوء.
الميه الباردة ما بتسحبش الزيوت القوية اللي بتخلي القهوة ثقيلة...
وبالتالي:
القوام بيبقى حريري، والطعم شبه سيرَب فاكهة.
السر اللي قليل يعرفه؟
مش كل Cold Brew بيتعمل في برج.
اللي بتشوفه في أماكن تانية بيكون غالبًا نقع عادي في تلاجة، من غير نظام تقطير.
البرج هنا هو اللي بيفرق... لأنه بينظّم سرعة التقطير، بيخلي القهوة تتوازن وتستوي كأنها بتطبخ على نار هادية... من غير نار.
وللي بيحبوا يفهموا التفاصيل:
-
نوع البن اللي بنستخدمه مخصوص، لازم يكون محمّص تفتيح بسيط، ومتوازن في حموضته.
-
الطحن بيكون شبه خشن، علشان المية ما تتخنقش.
-
والفلتر؟ معموله مخصوص بمواد ما بتأثرش على الطعم.
وحكاية الزبون اللي شاف البرج؟
أول ما دخل، بص عليه وقال:
"هو دا واين (wine)؟ مستحيل تكون دي قهوة!"
ضحكت. وقلتله:
"لأ، دي قهوة… بس واخدة وقتها."
شرب أول رشفة... وسكت.
وبعدها قاللي:
"أنا عمري ما دقت قهوة كده."
من يومها، برج التقطير بقى أسطورة في بورسعيد.
بيتعمل منه لتر واحد أو لتر ونص في اليوم... بس كفاية.
الناس بتحجز قبله بيوم، ولو خلص؟
بتستنّى للباتش اللي بعده.
ليه؟
لأن القهوة دي مش بتتعمل غير للناس اللي بتستنى الحاجة الحلوة،
وللناس اللي بتدور على التجربة… مش بس الطعم.
في بيليز، إحنا ما بنقدمش مشروب بارد…
إحنا بنقدّم وقت، وصبر، ونقاط وراها أسرار.
خد بالك، البرج مش هو السر الوحيد.
السر كمان في اللي بيجهز، وبيصب، وبيحكي... وفيك، وإنت بتقرر تستنى كل نقطة، وتدوّق زي أول مرة.
دي أسرارنا، وبنحب نشاركها مع اللي بيحب القهوة…
بجد.
